آخر تحديث : أبريل 18th, 2018 8:17 مساءً
أبريل 13, 2018 Wakteldjazair أقلام 0
لم ينتظر الرئيس الأمريكي أن يتصرف المعنيون من العسكريين المحترفين بعد صدور قراره السياسي بعمل عسكري يتوجه إلى سوريا، وانطلق إلى تويتر ليعلن الحرب عملياً على روسيا، ويخرج بالعمل العسكري المقرر عن حدوده التي أعلنها بلهجة استفزازية، تضع الجانب الروسي أمام خيارات التصعيد في المواجهة.
والمفارقة أنه بينما يجري التحقيق مع مؤسس موقع الفيسبوك حول استخدام موقعه في حملة تضليل تعلقت بالانتخابات الأمريكية، فإن الرئيس الذي يدين بجزء من رحلة وصوله للبيت الأبيض، لم يتحدد مدى حجمه إلى اليوم، يلجأ إلى موقع آخر للتواصل لإعلان حرب، لا يمكن الوقوف على المدى الذي يمكن أن تصله، ولكن هل يمكن أن يبدأ العالم حقبة الإدارة من خلال تويتر، على أنقاض مرحلة الثورة في زرقة الفيسبوك.
يتحدى ترامب الروس بصواريخ ذكية جديدة، بمعنى أنه يحدد مدى قواعد الاشتباك، وهو قصف، مهما كان اتساعه لا يمكن إلا أن يضيف المزيد من الضحايا للحرب الدائرة في سوريا، على امتداد السنوات الماضية، وهو ما لا يمكن أن يحدث فارقاً نوعياً، إلا إذا كان ذلك مقدمة لعمليات أوسع على الأرض، وهو الأمر المستبعد، نظراً لأن الوضع في سوريا لم يترك شيئاً يمكن للجيوش النظامية أن تتعامل معه، والأمريكيون بدخولهم في الوضع القائم يطرقون أرضاً غير معروفة، وحافلة بالفخاخ والمستنقعات، والانتظار للرد الروسي يعني الدخول في حرب أوسع من الأرض السورية كلها.
الصواريخ الترامبية الذكية أثارت لغطاً كثيراً، فهذه الغارة على تويتر جعلت الأمور ضبابية ومعقدة، للدرجة التي جعلت البنتاغون يقوم بإحالة الاستفسارات التي وردته حول طبيعة العمل العسكري المرتقب إلى الناطقة الرسمية عن البيت الأبيض، فالحقيقة أن أحداً لا يمتلك إجابة عما يدور في مخيلة الرئيس ترامب، الذي ترقب العالم صواريخه لساعات بدأت تطول مع صباح يوم الخميس، للدرجة التي أقلقت السيناتور بوب كوركر رئيس لجنة العلاقات الدولية وجعلته يعبر عن خشيته من عدم قدرة الولايات المتحدة على الوفاء بوعودها وتنفيذ ضربتها الموعودة، وهذه الضربة قد تكون أو لا تكون انطلقت حتى تاريخ النشر لهذه القراءة، ومع ذلك، فالقلق يبقى قائماً حول الثقة في قدرة الأمريكيين على تحقيق ضربة مؤثرة، في ظل الوقت الذي يحصل عليه الروس والإيرانيون والسوريون للاستعداد لمواجهة الضربة المرتقبة.
يحتاج ترامب لهذه الحرب، فالأمريكيون الذين لم يحركوا ساكناً تجاه أعداد كبيرة من القتلى المدنيين من جميع الأطراف في سوريا، لا يمكنهم إقناع أحد بأن شهيتهم للتدخل تحركت، بمجرد اختلاف وسيلة القتل، وهذه الضربة يمكن أن تخفف من إيقاع مكتب التحقيقات الفيدرالية في قضية التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، كما يمكن أن يمنح واشنطن مخرجاً من حرب تجارية متعجلة أطلقها ترامب بطريقة استعراضية في مواجهة الصين.
تبدو هزيلة أيضاً مصداقية التنافح الروسي للرد على التهديدات الأمريكية، إذا ما اقترنت بالمواقف الفعلية الروسية التي شاهدت اسرائيل تضرب في العمق السوري بدون أي رد فعل حقيقي، والتي مررت أيضاً تدخلاً تركياً واسعاً في عفرين في صفقة يبدو أنها تجاهلت الحد الأدنى من المحافظة على صورة السيادة في دمشق.
السوريون وحدهم يخسرون في هذه اللعبة الأممية، والسنوات المهدرة بدون الوصول إلى حل سياسي معقول، ستبقى دليلاً على مدى الاستهانة بدماء الشعب السوري، فالجميع توجه لأن يختزل الصراع في شخص بشار الأسد، لا في مصير الشعب السوري، وفي هذه اللحظة التاريخية يبدو أن النار ستواصل توسعها على الأرض السورية لتلتهم ما تبقى من جيوب آمنة في دمشق وغيرها من المدن الساحلية.
الحرب في سوريا في هزيعها الأخير، فلا الأمريكيون ولا الروس يستطيعون التقدم إلى الأمام كثيراً، في ظل الأجواء المحتقنة، وستبدأ رقصة نارية لن تلبث أن تنطفئ بموجة البحث عن حل سياسي يعفي الجميع من التوتر القائم، بعد أن يتمكن الطرفان من لملمة ما يستطيعان من مكتسبات، وأن يترجما الاشتباك بفوارق كبيرة في الترجمة لتقديم رواية مرضية للجمهور في موسكو وواشنطن، ولا يستطيع أي من الرجلين في الكرملين أو البيت الأبيض أن يتحمل أكثر من مئة نعش تعود إلى دياره، وحتى إذا توسعت الحرب فإن الطرفين سيجدان سوريا أصغر من أن تتحمل حرباً واسعة، وغالباً ما ستجد الدولتان نفسيهما في طريق مسدود، أمام عالم لا يستطيع أن يتحمل هذه النزوة، وستتراجع قيمة سوريا في الصراع بين البلدين، وهو أمر جيد في حد ذاته، على الأقل سيوقف سكب البنزين على النار.
يحفل التاريخ بنماذج كثيرة من خذلان الروس للحلفاء، ولا يعدم كذلك مواقف كثيرة تخلت فيها أمريكا عن أصدقائها، ففي النهاية فإن تقييم الصراع عند اندلاع أي حرب لا يبقى تحت سيطرة الإدارة السياسية بالكامل، ويتراجع دور الدبلوماسية لتفسح الطريق للجنرالات بزيهم العسكري المرقط والمموه، وإذا كانت فيتنام ما تزال تمثل درساً للأمريكيين، فإن أفغانستان لم تزل إلى اليوم كابوساً لموسكو، والقوتان العظميان لا تفكران حالياً في اختبار أسلحتيهما في سوق ما زال متعطشاً لصفقات الشراء، ولا ترغبان في مواجهة حقائق يفضل أن تبقى نائمة في أحلام التفوق والتنمر، ولذلك، لم يلبث الرئيس الأمريكي بعد أن أطلق قفاز التحدي بأن يغري الروس بصفقة مبطنة في تغريدة أخرى، يتحدث من خلالها عن مساعدة الروس في تدبر الأمور الاقتصادية، مؤكداً بأن الأمر سهل بالنسبة للأمريكيين، مقابل أن يعمل الروس معهم، وأن يوقفوا سباق التسلح.
تطغى سياسة العمل بالقطعة على مزاج الرئيس الأمريكي، فبعد حديث عن انسحاب وشيك من سوريا، يحرك قطاعات عسكرية واسعة تجاه المتوسط لضرب سوريا، في رد فعل يبدو أنه لم يجر تدارسه أو إنضاجه بصورة جيدة، والروس الذين تخيلوا أنهم أنجزوا مهمتهم في سوريا، وأن أياماً تفصلهم عن تحقيق انتصار مبرم، وجدوا أنفسهم أمام تصريحات أمريكية استفزازية تجعلهم مضطرين للحرب من أجل صورتهم على الأقل، في موقف شبهه رئيس الوزراء التركي يلدريم بسلوك المتنمرين في الشوارع، مذكراً بأهمية التركيز على محاربة الإرهابيين والمحافظة على وحدة أراضي سوريا والعراق، في موقف يبدو أنه كان من نتائج اجتماع أنقرة الأخير مع روسيا وايران.
الساعات القليلة المقبلة، أو الفائتة، حسب أجندة الرئيس ترامب وتوقيته الخاص، ستكون صعبة على العالم بأسره، وعلى المنطقة العربية بوجه خاص، فالرئيس الأمريكي يثبت بأنه ليس الشخص المناسب لإدارة ملفات السياسة الخارجية الأمريكية، وأنه يمكن أن يقود العالم بتنمره واستعراضيته إلى مآلات خطيرة، فالعالم لم يعد طاولة شطرنج كبرى، بل أقرب إلى عجلة الروليت، والمشكلة أن المقامرين يفوزون أحياناً، بدون فهم أو جهد أو إبداع.
سامح المحاريق/ كاتب أردني
مارس 28, 2018 0
وزير الاستشراف السابق، بشير...مارس 21, 2018 0
الخبير في القضايا الإقليمية عبد...مارس 19, 2018 0
سفير مصر بالجزائر عمر أبو عيش...مارس 18, 2018 0
الخبير الاقتصادي كمال رزيق...مارس 03, 2018 0
رئيس مجلس الشورى الأسبق عبد...فبراير 14, 2018 0
عضو الهيئة الرئاسية السابق،...فبراير 12, 2018 0
الخبير الاقتصادي، إسماعيل...مارس 17, 2018 0
حملة مقاطعة شرائها وخطوة...مارس 17, 2018 0
الخبير الاقتصادي، عبد الرحمن...مارس 05, 2018 0
وزارتا التضامن والعدل مطالبتان...فبراير 17, 2017 1
الآلاف من رفـــــات الشهداء في مقابــر جماعيــة، والكل يتنصـل من المسؤوليـة، لكنــــه يحتفل بيومهم الوطني باقات ورد كثيرة سيتم وضعها اليوم على قبور الشهداء...أبريل 18, 2018 0
نشرت صحيفة «وول ستريت جورنال»...أبريل 17, 2018 0
عاد التحالف الغربي لينبش...أبريل 16, 2018 0
حرب أخرى دقت طبولها، وبلد عربي...أبريل 15, 2018 0
سوف يمضي بعض الوقت قبل أن تتضح...